حلول مبتكرة لعلاج روهاد ROHHAD - نقطة تحول في حياة سالم بعد استخدام مُنظّم أعصاب الحجاب الحاجز في مستشفى غريت أورموند ستريت (غوش)
سالم هو صبي من قطر، شُخّص وهو في الرابعة من العمر بحالة معقدة تدعى روهاد ROHHAD ( متلازمة زيادة الوزن السريعة، اضطراب غدة ما تحت المهاد، نقص التهوية واضطراب النظام العصبي الذاتي).
روهاد هو حالة نادرة عند الأطفال حيث يزيد وزنهم بسرعة خلال السنتين إلى الأربع سنوات الأولى من حياتهم وغالبًا ما يصاحبها اضطرابات في الغدد الصماء، ونقص التهوية (التنفس الضحل)، إلى جانب اضطراب النظام العصبي الذاتي (مشاكل في الجهاز العصبي الذي يتحكم في الوظائف الجسدية اللاإرادية). كانت المشكلة الطبية الرئيسية عند سالم هي نقص التنفس، الذي يقلل من قدرته على استيعاب الأكسجين بشكل كافٍ وإخراج ثاني أكسيد الكربون من جسمه. استدعى هذا الوضع إلى الحاجة إلى التنفس الميكانيكي، حيث تم استخدام جهاز تنفس اصطناعي لضخ الهواء داخل وخارج رئتيه من خلال قناع وجه أثناء النوم في الليل. تفاقمت مشكلة التنفس عند سالم بحيث أصبحت عملية ضخ الهواء في الليل وحدها غير كافية، وانتهى به الأمر إلى استخدام قناع وجه لدعم تنفسه معظم الوقت خلال النهار أيضا.
سعت عائلة سالم للحصول على استشارة من مستشفى أمريكي، الذي أكد أن سالم يعاني من نقص التنفس الشديد ويحتاج إلى جهاز تنفس ميكانيكي لمدة 24 ساعة في اليوم. كانت هذه الحاجة لا تجعل استخدام التنفس بالقناع ممكنًا على المدى الطويل. بدلاً من ذلك، نصح الأطباء الأمريكيون بتركيب أنبوب القصبة الهوائية، وهي عملية تتضمن وضع أنبوب بشكل دائم في مجرى الهواء عبر الجهة الأمامية للرقبة.
لم تكن عائلة سالم متحمسة لهذا الخيار، حيث كان سالم في صحة جيدة بخلاف مشكلة التنفس. مع ذلك، عقب معرفة عائلة سالم بخبرة غوش في تقديم الرعاية للأطفال ذوي الحالات المعقدة، و بناء على توصية طبيب استشاري قطري لمقابلة الدكتور بول أورورا Paul Aurora، قررت عائلة سالم نقله من الولايات المتحدة إلى غوش للحصول على رأي آخر.
"قبل مجيئنا إلى غوش، بحثنا عن الدكتور أورورا وعلمنا أنه متخصص في الحالات النادرة مثل حالة سالم. لقد فعل كل ما لم يفعله المستشفى السابق الذي زرناه. لقد كان الدكتور أورورا بصيص أمل بالنسبة لنا".
جدة سالم
عند وصول سالم إلى غوش، خضع لتقييم شامل من قبل الدكتور أورورا وفريق من الأطباء، بما في ذلك خبراء في التنفس أثناء النوم واستخدام التنفس الصناعي طويل الأمد عند الأطفال، الدكتور مارتن سامويلز Martin Samuels والدكتورة إلين شان Elaine Chan. أكد الفريق أن سالم يعاني من خلل التنفس الشديد، متطلبًا 20 ساعة من التنفس يوميًا كحد أدنى. لاحظوا أنه يمكنه التنفس بدون استخدام جهاز التنفس الإصطناعي لمدة تصل إلى 90 دقيقة فقط. وبوضعهم بعين الاعتبار الآثار المحتملة على جودة حياة سالم، اقترح الفريق الطبي إجراء مُنظّم أعصاب الحجاب الحاجز (بي إن بي PNP) كبديل لعملية أنبوب القصبة الهوائية.
بي إن بي هو إجراء جراحي/ طبي حيث يتم زراعة جهاز تنفس داعم على أعصاب الحجاب الحاجز. تلعب هذه الأعصاب دورًا حيويًا في نقل الإشارات من الدماغ إلى الحجاب الحاجز، عضلة التنفس الرئيسية الموجودة تحت الرئتين. في الأطفال المصابين بمتلازمة روهاد، لا تُرسَل هذه الإشارات بشكل صحيح من الدماغ، مما يؤدي إلى نقص التنفس. ينطوي بي إن بي على تحفيز أعصاب الحجاب الحاجز بشكل كهربائي لتحفيز انقباض الحجاب الحاجز وتحفيز التنفس. يتطلب ذلك عملية صغيرة لتثبيت الأسلاك على أعصاب الحجاب الحاجز على جانبي الصدر. تُرسل هذه الأسلاك إشارات إلى صندوق مُنظّم صغير يمكن للطفل حمله داخل حقيبة الظهر. يمكن لفريق الرعاية الطبية ضبط صندوق المُنظّم لتغيير معدل وقوة التحفيز التي يتم توفيره للحجاب الحاجز.
في بعض الحالات، يمكن استخدام بي إن بي للإستغناء عن استخدام جهاز التنفس الإصطناعي. مع ذلك، بسبب شدة نقص التنفس عند سالم، نصح الفريق الطبي بأن بي إن بي سيساعده على التنفس خلال النهار، بينما ينبغي عليه استخدام جهاز تنفس اصطناعي قياسي مع قناع أثناء الليل. سيسمح له هذا النهج بتجنب إجراء عملية أنبوب القصبة الهوائية، والاستمتاع بجودة حياة أفضل بكثير.
في شرحهم للسبب وراء خطتهم المقترحة، قال الدكتور مارتن سامويلز: "يتطلب التنفس الميكانيكي التقليدي تقنيات تدخلية مثل عملية أنبوب القصبة الهوائية أو استخدام قناع الوجه، وكلاهما ينطوي على معدات ضخمة ويقيدان التنقل أثناء النهار. يقدم بي إن بي بديلاً لطيفا من خلال تحفيز الحجاب الحاجز ؛ مما يمكّن من التنفس الطبيعي بدون الحاجة إلى أجهزة ضخمة. باستخدام صندوق المُنظّم الخارجي الصغير والخفيف، يمكن لسالم تعزيز تنقله بشكل كبير خلال النهار، مما يوفر حلاً أكثر راحة ووسيلة غير ظاهرة لتحديات التنفس التي يواجهها".
كانت الخطوة التالية هي تقييم سالم للإجراء الجراحي. لهذا الغرض، استدعى الفريق الدكتور ستيفانو جيولياني Stefano Giuliani، وهو جرّاح أطفال متمرس في غوش، مستفيدا من تجاربه الطويلة مع بي إن بي وتدريبه على ذلك في مستشفى لوس أنجلوس للأطفال. تعاون السيد جيولياني مع الفريق للمشاركة في مناقشات دقيقة مع عائلة سالم. قدموا شروحًا شاملة حول كل جانب من جوانب بي إن بي، بدءًا من العملية الجراحية إلى آثارها على المدى الطويل. بعد مراجعة كل المعلومات والتعامل مع العديد من الاستفسارات، أعربت عائلة سالم عن قرار قاطع بالمضي قدمًا في العملية.
"كرّس الفريق الجراحي الوقت الكافي لشرح كل خطوة لنا وشعرنا بالراحة عندما علمنا أن سالم سيتلقى رعاية قادرة".
جدة سالم
قبل الجراحة، قام فريق غوش بمراجعة جميع الخطوات التي يتضمنها الإجراء بدقة، مع التركيز على السلامة في كل مرحلة من مراحل العملية. كما أنهم قد تواصلوا مع أطباء محليين في قطر، لضمان موافقتهم على قرار تركيب بي إن بي لسالم وتأكيدهم على استعدادهم لإدارة النظام على المدى الطويل بدعم غوش. أعرب أطباء قطر عن استعدادهم للمضي قدمًا في الخطة.
بالإضافة إلى ذلك، كان على سالم أن يخضع لتقييم طبي كامل لأعراض أخرى متصلة بروهاد، حيث أن هذه الحاله نادرة ومعقدة للغاية يمكن أن تؤثر على أنظمة الجسم المتعددة وتجعل الجراحة محفوفة بالمخاطر. خضع سالم لمراجعات دقيقة من خبراء في أمراض القلب، الغدد الصماء، الجهاز الهضمي والأورام. كان هؤلاء الأخصائيون، الذين يمتلكون خبرة في علاج الأطفال المصابين بـروهاد، على دراية بالمضاعفات المحتملة. لحسن الحظ، كانت جميع التحقيقات طبيعية وتمكنوا من إجراء الجراحة.
أوضح الدكتور أورورا "روهاد هو حالة غير عادية، ومن الضروري أن يتم مراجعة الأطفال الذين يعانون من هذا التشخيص من قبل أطباء متخصصين متعددين لديهم خبرة في التعامل معه. نحن محظوظون للغاية في غوش لأن نملك كل الخبرات في مكان واحد. بالإضافة إلى ذلك، كنا قادرين على تطمين زملائنا في قطر بأننا سنقدم الدعم على المدى الطويل، ليس فقط لنظام بي إن بي ولكن أيضًا للتعامل مع مضاعفات طبية أخرى قد يواجهها سالم في المستقبل".
اشتملت عملية بي إن بي لسالم على زرع أقطاب خاصة متصلة بأعصاب الحجاب الحاجز على كلا جانبي صدره. ستُحفّز هذه الأقطاب حجابه الحاجز، مما يساعده على التنفس بشكل أكثر فعالية خلال النهار. تم إجراء الجراحة باستخدام تقنية جراحية حديثة وقليلة التدخل (تنظير الصدر) التي تمنح الانتعاش السريع مع ألم أقل بعد الجراحة مقارنة بالجراحة التقليدية المفتوحة.
قال الدكتور ستيفانو جيولياني: "كانت عملية زراعة بي إن بي لسالم نجاحًا حقيقيًا والأول من نوعها يخضع لها طفل في المملكة المتحدة. كانت العملية جهدًا تعاونيًا دوليًا مع الدكتور ةكاثي شِن، جراحة أطفال من لوس أنجلوس، التي تعتبر خبيرة عالمية في هذه التقنية القليلة التدخل".
بعد الجراحة، أمضى سالم فترة في غوش للتعافي. ثم بدأ الفريق الطبي، بعد تقلص الانتفاخ التالي للجراحة، باستخدام بي إن بي. خلال هذه الفترة، تم إجراء تقييمات دقيقة وتعديلات منتظمة حسب الحاجة لضمان المستوى المناسب من الدعم، لضمان تنفس كاف ومريح لسالم. استغرق الأمر بضعة أسابيع، لكن النتيجة النهائية كانت ممتازة. كان بإمكان سالم أن يتنفس بمفرده بدعم من بي إن بي ودون الحاجة إلى استخدام جهازه التنفسي خلال النهار. عمل النظام بشكل جيد عندما كان مستريحا، ولكن أيضًا أثناء قيامه بالأنشطة مثل المشي والركض واللعب. تم أيضا اختباره أثناء محاكاة رحلة جوية حيث تكون مستويات الأكسجين في الهواء أقل.
لقد استفاد سالم من الإشراف الذي قامت بها فرق النوم والتهوية طويلة الأمد والتي ضمت أخصائيي فسيولوجيا النوم، أخصائيي التمريض والاستشاريين الطبيين. لقد أشرف هؤلاء عن كثب على دراسات نوم سالم وقاموا بمراجعتها كجزء من خطة الإدارة السريرية الخاصة به، لضمان المعالجة السريعة لأية مشكلات. ساعدت التسجيلات النهارية، بتوجيه من علماء فسيولوجيا النوم، في ضبط إعدادات بي إن بي تحت إشراف استشاريي النوم.
أوضحت الدكتورة إيلين شان: "كان هذا النهج المصمم خصيصا في مراقبته المستمرة أمرًا بالغ الأهمية في رحلة تعافي سالم، مما ضمن سلامة وفعالية علاجه (بي إن بي في النهار ودعم الجهاز التنفسي غير الجراحي في الليل)، خاصة أنه يعتمد على بي إن بي والتهوية غير التدخلية للحفاظ على تنفسه". وأضافت: "في غوش، نقوم بإجراء دراسات النوم من خلال المعايرة الحية للتهوية و بي إن بي، مما يتيح إعدادات مخصصة للمرضى مثل سالم الذين يعتمدون على التكنولوجيا لدعم الجهاز التنفسي".
"خلال الفترة الصعبة التي قضيناها هنا، شعرت أن الممرضات والأطباء وجميع الموظفين كانوا بمثابة عائلة بالنسبة لنا. لقد منحونا الطمأنينة التي نحتاجها وشرحوا لنا كل ما نحتاج إلى معرفته أثناء تواجدنا في غوش"، أوضحت جدة سالم.
خلال هذه الفترة، قام الفريق أيضا بتدريب العائلة على كيفية استخدام النظام والتحقق من أنه يعمل بشكل صحيح. كان هذا التدريب ناجحًا للغاية، وتمكّن سالم من أن يخرج من المستشفى ويعود إلى قطر. ولأول مرة منذ عام، أصبح من الممكن العناية بسالم في المنزل.
"أرشدنا الفريق الطبي في كل جانب من جوانب تكيف سالم مع بي إن بي. إن تفانيهم جعلنا نشعر بالاطمئنان، لأننا نعلم أن سالم كان يتلقى رعاية قادرة. لقد شاركنا بنشاط في هذه العملية، وكان دعم المستشفى لمساعدتنا على فهم كيفية تشغيل بي إن بي الخارجي لا يقدر بثمن" .
منذ عودة سالم إلى قطر، ظل الدكتور أورورا على اتصال مع الفريق المحلي في قطر لمتابعة تطور حالته التي كانت إيجابية للغاية.
"كانت الجراحة ناجحة للغاية، دون حدوث أية مضاعفات. وبنفس القدر من الأهمية، عمل النظام بالضبط كما كنا نأمل ونتوقع. كان فعّالًا تمامًا في تحفيز تنفس سالم أثناء يقظته، مما يعني أنه لم يكن بحاجة إلى استخدام جهاز تنفس. لقد غيّر هذا نوعية حياة سالم بشكل كبير. يستطيع سالم الآن أن يقضي يومه كاملاً دون جهاز تنفس، فقط يحمل صندوق بي إن بي داخل حقيبة ظهره. بهذا يمكنه القيام بجميع الأنشطة مع عائلته والذهاب إلى المدرسة؛ حتى يمكنه أن يزيل الصندوق لفترة قصيرة بحيث يمكنه السباحة، وهي هوايته المفضلة، لذا فهو مسرور جدا بهذا"، قال الدكتور أورورا.
"رؤية سالم أثناء قيامه بالأنشطة الطبيعية هو أمر مؤثر جدا علينا ويغمرنا بالسعادة جميعا كعائلة "، قالت جدة سالم.
تم جدولة موعد متابعة لعائلة سالم في غوش بعد ستة أشهر من الجراحة لتقييم تنفسه ووظائف جهاز بي إن بي. من المخطط أيضًا إجراء مراقبة وفحوصات دورية في قطر لضمان استمرار رفاهه الصحي.
قاد رحلة علاج سالم الدكتور بول أورورا والدكتور مارتن سامويلز والسيد ستيفانو جيولياني والدكتورة إلين شان. لم يكن نجاح هذا العلاج ممكنًا دون دعم فريق واسع النطاق، بما في ذلك خبراء في أمراض القلب، الغدد الصماء، الأورام، الأشعة، التخدير، فريق الغرفة الجراحية، الرعاية المكثفة وفسيولوجيا التنفس والتمريض الجراحي و التنفسي وفريق المختبر والحمّالون وغيرهم من الطاقم الداعم. لقد سهّلت خبراتهم ومهاراتهم مجتمعة إجراء تقييم شامل لاحتياجات سالم الطبية، مما ضمن نجاح هذا العلاج المبتكر.
"إن رعاية الأطفال الذين يعانون من حالات معقدة جدا ومهددة للحياة لهو أمر صعب جدا. فقد لا يكون الأطباء المحليون قد رأوا أطفالا مماثلين من قبل وقد لايكونون واثقين من الفحوصات المطلوبة أو العلاج الضروري. هنا يمكن أن تكون الإحالة إلى مركز متخصص مثل مستشفى غوش مفيدة جدا. لدينا العديد من الخبراء ذوي الخبرة الذين رأوا حالات نادرة من قبل وسيعملون معا بعناية لحل المشاكل الأكثر تعقيدًا. حالة سالم المعقدة وعلاجه الناجح للغاية هو مثال نموذجي على مدى جودة عمل هذا المستشفى"، قال الدكتور أورورا.
تُجسّد حالة سالم النهج التعاوني والشامل للرعاية في غوش. التنفيذ الناجح لإجراء بي إن بي لم يعالج التحديات التنفسية التي واجهها سالم فحسب، بل سمح له أيضا بالعودة إلى حياة أكثر طبيعية ونشاطا. تسلط هذه الحالة الضوء على أهمية الحلول المخصصة للحالات الطبية المعقدة والتأثير الإيجابي للرعاية المتخصصة التي يقدمها غوش.
سالم هو واحد من اثنين خضعوا لإجراء بي إن بي في غوش، وهو متاح حاليا فقط من خلال الرعاية الممولة ذاتيا، بينما يقوم المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية (NICE) حاليا بتقييم الأدلة المتعلقة بـبرنامج بي إن بي لتحديد إمكانية توافره في المملكة المتحدة.
