دراسة بارزة تكشف أن جراحة الصرع توقف وتعكس التدهور المعرفي عند الأطفال

11/09/2024

الدراسة الأولى من نوعها

وجدت دراسة هي الأولى من نوعها، بقيادة باحثين من مستشفى غريت أورموند ستريت (غوش) ومعهد صحة الطفل في كلية لندن الجامعية في غريت أورموند ستريت (UCL GOS ICH) أن جراحة الدماغ لعلاج الصرع مرتبطة بتحسن كبير في القدرة المعرفية عند الأطفال.

يكشف الفريق، الذي يُموّل العديد من أفراده جمعية غوش الخيرية GOSH Charity ، أن الجراحة لا توقف التدهور في الأداء العصبي النفسي لهؤلاء الأطفال فحسب، بل تساهم في الواقع بعكسه.

حلّلت هذه الدراسة بأثر رجعي سجلات الأطفال المصابين بالصرع المقاوم للأدوية الذين خضعوا للجراحة في غوش.   وهي أول دراسة تقيس التغيرات في القدرة المعرفية على مدى فترة طوِلة من الزمن - أكثر من 10 سنوات قبل الجراحة و15 عامًا بعدها - وعبر جميع أنواع الصرع. 

 

إستكشاف ما توصلت إليه الدراسة

في الدراسات السابقة، حيث تم إجراء التحليل فقط قبل وبعد الجراحة مباشرة، لم يظهر أي تغيير على القدرة المعرفية عند الأطفال.  لكن، تكشف هذه الدراسة أنه عندما تمت متابعة الأطفال بعد سنوات عديدة من الجراحة، أدى خلوهم من النوبات نتيجة للجراحة إلى ارتفاع في قدراتهم المعرفية، بما في ذلك حل المشكلات وتحسّن الذاكرة والأداء الأكاديمي، والذي استمر في التحسن بمرور الوقت.

قام فريق البحث بتحليل بيانات 500 طفل خضعوا لجراحة الصرع في غوش بين عامي 1990 و 2018.  تم استخراج المعلومات من اختبارات الذكاء واختبارات التحصيل الأكاديمي التي أجريت قبل وبعد الجراحة بسنوات عديدة. 

 أظهر معظم الأطفال الذين تمت دراستهم انخفاضًا في جميع مجالات الأداء العصبي النفسي في الوقت الذي سبق الجراحة.  لكن استمر أولئك الذين تخلصوا من النوبات بعد الجراحة في إظهار أداء عصبي نفسي أعلى واستمروا في إظهار تحسن في الأداء المعرفي على مدار متابعتهم الطوِلة الأمد.

 

"نأمل أن يؤدي ذلك إلى تمكين الأطفال وأسرهم".

قالت الدكتورة ماريا إريكسون Maria Eriksson ، الزميلة الفخرية للأبحاث في معهد صحة الطفل التابع لـ كلية لندن الجامعية (المذكور أعلاه):

"لقد عرفنا لسنوات عديدة أن جراحة المخ لعلاج الصرع المقاوم للأدوية تؤدي إلى تحول جذري في تحقيق التحرر من نوبات الصرع عند الأطفال، لكننا لم نكن نعرف الكثير عن كيفية تأثير الجراحة على القدرات المعرفية عندهم، خاصة على المدى الطوِل.  تُظهر لنا هذه الدراسة مدى قدرة إدراك الأطفال على الاستمرار في التحسن في السنوات التي تلي الجراحة، مما يسمح لهم باللحاق بأقرانهم.  نأمل أن تدعم هذه المعرفة الأطباء وتساعد في تمكين الأطفال وأسرهم عند اتخاذ قرار مستنير بشأن ما إذا كان يجب المضي قدمًا في جراحة المخ لعلاج الصرع".

قالت الدكتورة أويفي ريغان Aoife Regan، مديرة التأثير والتموِل الخيري Director of Impact and Charitable Funding في مؤسسة غوش الخيرية: "يُظهر هذا البحث الجديد الواعد التأثير الهائل الذي يمكن أن يحدثه العلاج العالمي لحالات مثل الصرع على حياة الطفل". 

وأضافت قائلة: "نبذل قصارى جهدنا في مؤسسة غوش الخيرية، لمنح الأطفال المصابين بأمراض خطيرة أفضل فرصة وأفضل طفولة ممكنة، ونفخر بدعم العديد من الباحثين الذين أسهموا في هذه الدراسة المهمة في عملهم لتغيير حياة الأطفال المصابين بالصرع"

 

قصة وِل Will

كان وِل طفلاً ذكيا يتمتع بصحة جيدة وكان من أفضل المتفوقين في المدرسة.  كما كان بحارًا موهوبًا يتطلع إلى الألعاب الأولمبية وكان يتنافس في النشاطات الوطنية والدولية.  لكن، قبل وقت قصير من عيد ميلاد وِل الثالث عشر، تعرض لنوبة صرع أثناء عطلته في باريسوبعد قضاء بعض الوقت في المستشفيات في فرنسا، تم نقل وِل بسيارة إسعاف إلى غوش.

قال وِل: "قال لي طبيبي الإستشاري مارتن تيسدال بإنني تعرضت لإصابة في المخ ناجمة عن انفجار ورم كهفي، وهي مجموعات غير طبيعية من الأوعية الدموية تحتوي على فقاعات مليئة بالدم.

"في تلك اللحظة شعرت وكأنني لم أعد أستطيع فعل أي شيء.  شعرت بالذعر من أنني سأصاب بنوبة أخرى، وإذا حدث ذلك فمن سيكون هناك لمساعدتي؟ كان الإرهاق مزعجًا حقًا.  كنت أقضي ساعة في المدرسة، ثم أعود إلى المنزلل أنام ثم أستيقظ وأقضي ساعة أخرى.

 تضيف شيري، والدة وِل: "لقد فقد وِل طفولته تمامًا.  لم يعد يخرج، أو يذهب إلى الحديقة أو السينما ولم يذهب إلى حفل موسيقى التخرج ". لقد أصبح منعزلاً.  كانت هناك أحاديث عن تأخيره لمدة عام في المدرسة، وقد  أرسله ذلك إلى مكان مظلم تمامًا.

 كان أحد أكبر الإحباطات بالنسبة لـ وِل هو كيف أثرت حالته على تعلقه بالإبحار.  لحسن الحظ، أعطت منظمة سيلابِليتي  Sailability، وهي منظمة إبحار للأشخاص ذوي الهمم، وِل الفرصة للعودة إلى الماء.

 قال وِل: "لقد وجدنا منظمة سيلابِليتي وانتهى بي الأمر بالإبحار مع فريق إنفكتس Invictus (الذي لايُقهر).  نصح فريق تقييم المخاطر أنه يتعين عليّ ارتداء خوذة وسترة نجاة ذات طوق لأتمكن من الطفو على ظهري إذا أصبت بنوبة وسقطت في الماء.  وجدت الإبحار أكثر صعوبة لأنني كنت دائمًا متعبًا للغاية.  أصبحت أيام الثماني ساعات مستحيلة تقريبًا بالنسبة لي لأنني كنت بحاجة إلى قيلولة في المنتصف.

"لقد حوّلت الجراحة مجرى حياتي"

وافق أطباء وِل وأسرته على الانتظار قبل التفكير في الجراحة، لكن وِل سرعان ما قرر أن الحياة كما يعرفها كانت صعبة للغاية وكتب إلى غوش حول شعوره.   تقرر أن يخضع وِل لعملية جراحية بعد 10 أسابيع. 

 قال وِل: "لقد تحدث مارتن تيسدال معي بطريقة سهلة وواضحة و شرح لي أنهم سيزيلون الورم الكهفي، بالإضافة إلى جزء من الفص الصدغي.  لقد كان نزيها وصادقًا بشأن المخاطر".

قالت شيري: "حوّلت الجراحة مجرى حياة وِل في وقت قصير جدا.  تم إزالة الضمادة في نهاية اليوم، وفي اليوم التالي نهض وِل وبدأ يمشى.  كنا جميعًا مذهولين".

 يضيف وِل، الذي يُعتبر الآن "شخص مصاب بالصرع سابقًا": "لم يُسمح لي بالإبحار لفترة من الوقت، ولكن في غضون ستة أسابيع، عدت إلى القارب.  شعرت بغرابة في المرة الأولى حيث فقدت ثقتي وتوازني، حيث كان لا يزال يتعين على دماغي الالتئام إذ كنت أشعر بفقاعات هواء صغيرة في دماغي.

"في المدرسة، كنت أعاني في البداية لأن الجراحة أثرت على ذاكرتي.  لكن كان من يقرأ ويكتب لي في امتحاناتي وقد ساعدني ذلك حقًا.  كنت قادرًا على العمل بشكل أفضل، وتحسنت قدرتي على التذكر".  أتوقع نتائجي الدراسية في شهر أغسطس القادم ولدي عروض قبول من جامعة بورنموث وجامعة برايتون وجامعة ساري لدراسة علوم الإسعافات الأولية.  آمل أن أذهب إلى بورنموث."

قالت شيري: "ما نراه الآن لم أكن لأتخيله قبل ثلاث سنوات.  إننا نعيش مع وِل الجديد، ونعيش أفضل حياته.  لقد اجتاز اختبار قيادة السيارات في ستة أسابيع، وهو أحد أصغر مدربي القوارب الكهربائية وفي وقت ما كان أصغر ربّان نهاري في البلاد.  هناك تحديات بسيطة ولكن إذا نظرت إلى مدى صعوبة الحياة في الماضي مقارنة بالحياة الآن، فهذا أمر مذهل".

قال وِل: "الإبحار هو ملاذي الآمن.  عندما أمر بيوم سيئ وأذهب للإبحار، فأنا وحدي والماء والقارب.  الإبحار هو هوايتي الآن - أقوم بتدريس دورات الإبحار والقوارب الكهربائية في عطلة نهاية الأسبوع لكسب مصروف الجيب، وسأستمر في ذلك. "كأس ​​أمريكا America’s Cup " لديهم مسعفون على قوارب السلامة الخاصة بهم.  ستكون هذه وظيفة أحلامي".

قصة آيرون Aaron

كان آيرون يبلغ من العمر بضعة أشهر عندما عانى من أول نوبة صرع.

قالت والدته كريستينا: "بدأ يرتجف - لم أر شيئًا مثله من قبل.  إتصلت بسيارة إسعاف وأخبروني أنه يعاني من تشنّجات الأطفال، ولكن مع مرور الوقت ساءت حالته كثيرًا.  لقد كانت فترة مُروّعة.  عندما تنظر إلى الوراء لا تدرك كيف تجاوزتها. أشعر بالأسف لأي والد يمر بذلك".

تم نقله لاحقًا إلى غوش، وقضت الأسرة جزءًا كبيرًا من طفولته في السفر ذهابًا وإيابًا بين المستشفى وبين منزلهم في كنت.

"في المدرسة، كان آيرون دائمًا متأخرًا عن الآخرين في سنه وكان يعاني كثيرًا.  كما غاب عن المدرسة كثيرًا بسبب تشنّجاته".

 قال آيرون: "قبل الجراحة، كنت أعاني من حوالي خمس نوبات صرع أو أكثر يوميًا وغالبًا ما عجزت عن الخروج واللعب مع أصدقائي.  لقد كانت أسوأ فترة في حياتي.  لم أرغب أبدًا في مغادرة المنزل وبعد كل نوبة صرع كان الأمر يستغرق وقتًا طوِلاً للتغلب عليها.  لم أستطع أن أعيش حياتي كما كنت". سبّبت أسوأ نوبة أصيب بها آيرون في غيبوبة "مرعبة"، كما وصفتها كريستينا.   

 "أنا سعيد للغاية لأنني أجريت الجراحة"

آيرون 

آيرون

أُبلِغت الأسرة أن آيرون مؤهل لإجراء جراحة في المخ لعلاج الصرع، وفي عام 1993 خضع لأول عملية جراحية له.

 قالت كريستينا: "عندما أُبلِغنا بالجراحة، أصبنا بالرعب الشديد، لكننا كنا نعلم أنه يتعين علينا إجراؤها.  كان انتظار انتهاء العملية الجراحية أشبه بمدى الحياة.  سارت العملية الأولى بشكل جيد، لكن تقرر إجراء عملية ثانية، وتم ذلك بعد بضع سنوات. لم نكن لنتخيل نتيجة أفضل".

قال آيرون: "أنا سعيد للغاية لأنني أجريت الجراحة.  الحياة أفضل بكثير وأشعر بسعادة كبيرة.  يمكنني أن أفعل الكثير - لقد حصلت على وظيفة في صالة ألعاب رياضية ولم أفوت يومًا واحدًا من العمل منذ أن بدأت وظيفتي الأولى في سن 17 عامًا. لدي تذكرة موسمية من نادي فولهام لكرة القدم Fulham FC وأذهب بانتظام لمشاهدة المباريات مع أصدقائي".

قالت كريستينا: "لقد تطورت المقدرة المعرفية عند آيرون  بصورة كبيرة".  ذاكرته مذهلة، وهو مخلص لعمله ولديه مجموعة رائعة من الأصدقاء - إنه اجتماعي للغاية.  لا أستطيع أن أصف مدى التغيير الذي أحدثته جراحة الصرع في حياتنا - ليس فقط حياة آيرون، بل حياة الأسرة بأكملها."