أطفال مصابون بمرض جيني نادر يتلقون علاجا رائدا لإنقاذ بصرهم

13/01/2022

أجرى أطباء سريريون في مستشفى غريت أورموند ستريت ومعهد غريت أورموند ستريت لصحة الأطفال (ICH) التابع لكلية لندن الجامعية (UCL) أول تجربة في العالم يختبر علاجا قد يمنع من الإصابة بالعمى عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب نادر وقاتل، اسمه مرض باتن من نوع ‘سي إل إن 2‘ (CLN2 type Batten disease).

ما هو مرض باتن من نوع ‘سي إل أن 2‘؟

مرض ‘سي إل أن 2‘ هو اضطراب جيني تنكّسي نادر يؤثر على ما بين 30 و50 طفلا في المملكة المتحدة. يسبب نوبات تشنج أولا، ثم التراجع التدريجي في قدرات الطفل على المشي، والنطق والبصر، إلى جانب خرف متفاقم. مدة الحياة المتوقعة للطفل المصاب بهذا المرض، في حال عدم تلقي العلاج، هي ما بين 10 و 12 سنة.

يعود سبب المرض إلى تغير في أحد الجينات المسؤولة عن إنتاج إنزيم محدد في الجهاز العصبي. لقد مرت سنتان الآن على مباشرة استخدام علاج بديل للإنزيم يساعد على منع التنكّس العصبي عند الأطفال المصابين بمرض ‘سي إل أن 2‘.  الدواء، الذي يسمى برينيورا (Brineura)، حائز على الترخيص للاستخدام في خدمة الصحة الوطنية (NHS) منذ 2019 ويعطى في الدماغ مباشرة من خلال التسريب المنتظم  .لقد ثبت أن هذا الدواء يُعيد نشاط الإنزيم ويبطئ ظهور الإعاقة.

لكن، لا يمنع هذا التسريب الدماغي من إصابة الطفل بالعمى، لأن الإنزيم غير قادر على عبور الحاجز الدموي الشبكي. مما يعني أن الأعصاب في العين تعجز عن تأدية وظيفتها، مما يؤدي إلى فقدان البصر.

علاجات رائدة عالميا

الآن، يجرب أطباء سريريون وباحثون في مستشفى غريت أورموند ستريت ومعهد صحة الأطفال علاجا لمنع العمى عند الأطفال المصابين بمرض باتن من نوع ‘سي إل أن 2‘. يقومون بذلك من خلال الاحتفاظ بالكمية الضئيلة المتبقية من الدواء بعد التسريب الدماغي وحقنها مباشرة في مؤخرة العين.  تتمثل النتيجة المرجوة من العلاج، الذي يعطى على أساس "الاستخدام الرحيم"، في منع تدهور البصر عند الأطفال من خلال تقديم الإنزيم الذي تحتاج له الأعصاب في مؤخر العين لتأدية وظيفتها.

إجراء الحقن في العين سريع ومنتشر الاستخدام، ويعطى العلاج إلى فئة صغيرة من المرضى انتقتهم الفرق الطبية بكل دقة وحذر. أما مَنْ يتلقون العلاج فيراقبهم السريريون بعناية للانتباه إلى ظهور أية أعراض جانبية.  يعطي السريريون العلاج في إحدى العينين فقط كل شهرين في هذه المرحلة المبكرة، وبعد مرور سنة سيقارنون الفرق في البصر بين العينين.

دائما تُخضَع العلاجات التي تعطى في إطار الاستخدام الرحيم لتقييم دقيق جدا وفي مستشفى غريت أورموند ستريت عندنا تاريخ طويل من ريادة هذه العلاجات المدروسة بعناية من أجل أطفال لا يُنعَمون بخيار آخر. إنْ نجحنا، نأمل بأن يفسح عملنا في هذا البرنامج مجالا لإنقاذ بصر المزيد من الأطفال المصابين بهذا المرض للحفاظ على نوعية حياتهم لأطول فترة ممكنة.

البروفيسور بول غيسن (Paul Gissen)، استشاري شرفي لأمراض الطفولة الاستقلابية في مستشفى غريت أورموند ستريت ومعهد غريت أورموند ستريت لصحة الأطفال التابع لكلية لندن الجامعية.

أملنا أنّ هذا البرنامج الرائد سيساعد عشرات الأطفال الموجودين حول العالم الذين يعانون من ‘سي إل إن 2‘.

تحول في حياة المرضى

من المحتمل أن يحقق هذا البرنامج تحولا في نوعية حياة الأطفال الذين يتحملون صعوبات مرض باتن من نوع ‘سي إل أن 2‘. أُفسِح المجال لإقامة البرنامج بفضل حملة ضخمة لجمع التبرعات قادتها عائلات الأطفال الذي يعانون من المرض وجمعية عائلات المصابين بمرض باتن (Battens Disease Family Association - BDFA). معا، قد جمعوا ما يفوق 200 ألف جنيه استرليني، على أمل أن يحدث ذلك تغيرا في حياة أشخاص آخرين.

اجتهد الفريق متعدد التخصصات في مستشفى غريت أورموند ستريت في سعيه لإيجاد طريقة لمعالجة المرض ولم يكن ليتاح لنا ذلك لولا عمل عائلات المرضى الدؤوب على جمع التبرعات.

البروفيسور بول غيسن

سبق وأن ساعد العلاج البديل للإنزيم في مستشفى غريت أورموند ستريت على إحداث استقرار حالة "كافيانش" ذي السنوات الثمانية، لكن تدهور بصره استمر مما أثر سلبا على ثقته - أما الآن، فقد قدم العلاج الجديد فرصة لإنقاذ ما تبقّى من قدرة "كافي" البصرية.

"كما هو الحال عند عائلات كثيرة غيرنا أصيب أطفالهم بهذا المرض المروع، عرفنا أنه يجب علينا القيام بكل ما كان باستطاعتنا فعملنا بشكل قريب مع الفريق في مستشفى غريت أورموند ستريت للمساعدة في إطلاق هذا البرنامج. نشعر بأنه من حظنا الكبير جدا أن كافي حظي بفرصة، حتى لو كانت فرصة ضعيفة، للاحتفاظ بالجزء القليل المتبقي من بصره، وذلك أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا."

الدكتور رهول دوبيه، والد كافيانش

أما بالنسبة لعائلة كارول، فقد يُحدِث هذا العلاج فرقا كبيرا في حياة إبنتهم أميليا. يعاني من المرض كل من إبنتهم أميليا، 8، وإبنهم أولي، 10، ومع أنه قد فات الأوان لإنقاذ بصر أولي، ما زال هناك أمل لأميليا.

"لقد شاهدنا إصابة إبننا أولي بالعمى، والآن بدأ الأمر نفسه يتكرر عند أميليا. لكن أُعطينا هذه الفرصة، هذا الأمل. إنقاذ بصر طفلتنا سيكون أمرا مذهلا إذا تحقق، وسيحدث فرقا كبيرا جدا في نوعية حياة أميليا."

لوسي كارول، أم أولي وأميليا